قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي لَأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الْأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ ، إِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ ) أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَدْخُلُونَ ) بِالدَّالِ مِنَ الدُّخُولِ ، هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا ، وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جُمْهُورِ الرُّوَاةِ فِي مُسْلِمٍ وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ : وَوَقَعَ لِبَعْضِ رُوَاةِ الْكِتَابَيْنِ ( يَرْحَلُونَ ) بِالرَّاءِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الرَّحِيلِ . قَالَ : وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ . قُلْتُ : وَالْأُولَى صَحِيحَةٌ ، أَوْ أَصَحُّ ، وَالْمُرَادُ يَدْخُلُونَ مَنَازِلَهُمْ إِذَا خَرَجُوا لِشُغْلٍ ثُمَّ رَجَعُوا . وَفِيهِ دَلِيلٌ لِفَضِيلَةِ الْأَشْعَرِيِّينَ . وَفِيهِ أَنَّ الْجَهْرَ بِالْقُرْآنِ فِي اللَّيْلِ فَضِيلَةٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِيذَاءٌ " - ص 50 -" لِنَائِمٍ أَوْ لِمُصَلٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا ، وَلَا رِيَاءٌ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . وَالرُّفْقَةُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ إِذَا لَقِيَ الْخَيْلَ ، أَوْ قَالَ : الْعَدُوَّ ، قَالَ لَهُمْ : إِنَّ أَصْحَابِي يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ ) أَيْ تَنْتَظِرُوهُمْ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : اُنْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قَالَ الْقَاضِي : وَاخْتَلَفَ شُيُوخُنَا فِي الْمُرَادِ بِحَكِيمٍ هُنَا ، فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ : هُوَ اسْمُ عَلَمٍ لِرَجُلٍ ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ : هُوَ صِفَةٌ مِنَ الْحِكْمَةِ .